والجواب أن يقال: إن كان القرآن يدل على أن القمر مرصع في السماء كما يرصع المسمار في الخشبة دلالة قطعية، فإن قولهم: إننا وصلنا القمر ليس صحيحا، بل وصلوا جرما في الجو ظنوه القمر. لكن القرآن ليس صريحا في ذلك، وليست دلالته قطعية في أن القمر مرصع في السماء، فآية الفرقان قال الله فيها: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً} ١ فيمكن أن يكون المراد بالسماء العلو، كقوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} ٢ والماء ينزل من السحاب المسخر بين السماء والأرض، كما قال الله تعالى: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} ٣ وهذا التأويل للآية قريب. وأما قوله: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} ٤ فيمكن فيها التأويل أيضا بأن يقال: المراد لقوله: "فيهن": في جهتهن، وجهة السماوات العلو، وحينئذ يمكن الجمع بين الآيات والواقع. قوله: "والله فوق العرش": هذا نص صريح بإثبات علو الله تعالى علوا ذاتيا، وعلو الله ينقسم إلى قسمين: أ- علو الصفة، وهذا لا ينكره أحد ينتسب للإسلام، والمراد به كمال صفات الله، كما قال تعالى: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ٥. ب- علو الذات، وهذا أنكره بعض المنتسبين للإسلام، فيقولون: كل العلو الوارد المضاف إلى الله المراد به علو الصفة، فيقولون في