للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


لا السماوات ولا غيرها، وعليه، فإنه -سبحانه- لا يوصف بأنه في جهة تحيط به، لأن ما فوق السماوات والعرش عدم، ليس هناك شيء حتى يقال: إن الله أحاط به شيء من مخلوقاته. ولهذا جاء في بعض كتب أهل الكلام يقولون: لا يجوز أن يوصف الله بأنه في جهة مطلقا، وينكرون العلو ظنا منهم أن إثبات الجهة يستلزم الحصر. وليس كذلك" لأننا نعلم أن ما فوق العرش عدم لا مخلوقات فيه، ما ثم إلا الله، ولا يحيط به شيء من مخلوقاته أبدا. فالجهة إثباتها لله فيه تفصيل، أما إطلاق لفظها نفيا وإثباتا فلا نقول به، لأنه لم يرد أن الله في جهة، ولا أنه ليس في جهة، ولكن نفصل، فنقول: إن الله في جهة العلو، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للجارية: " أين الله؟ ". وأين يستفهم بها عن المكان، فقالت: في السماء. فأثبتت ذلك، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وقال: " أعتقها، فإنها مؤمنة ١ ".
وأهل التحريف يقولون: "أين" بمعنى "من"، أي: من الله، قالت: في السماء، أي: هو من في السماء، وينكرون العلو. وقد رد عليهم ابن القيم رحمه الله في كتبه ومنها "النونية" وقال لهم: اللغة العربية لا تأتي فيها "أين" بمعنى "من"، وفرق بين "أين" و"من". فالجهة لله ليست جهة سفل، وذلك لوجوب العلو له فطرة وعقلا وسمعا، وليست جهة علو تحيط به، لأنه تعالى وسع كرسيه السماوات والأرض، وهو موضع قدميه، فكيف يحيط به تعالى شيء من مخلوقاته؟! فهو في جهة علو لا تحيط به، ولا يمكن أن يقال: إن شيئا يحيط به، لأننا نقول: إن ما فوق العرش عدم ليس ثم إلا الله -سبحانه-، ولهذا قال: " والله تعالى فوق ذلك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>