للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...................................................................................

وقوله: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ} ١ لم يقل: لا تأتوا، لأن النهي عن القرب أبلغ من النهي عن الإتيان; لأن النهي عن القرب نهي عنها، وعما يكون ذريعة إليها، ولذلك حرم على الرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية، وأن يخلو بها، وأن تسافر المرأة بلا محرم; لأن ذلك يقرب من الفواحش.

وقوله: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} ٢ قيل: ما ظهر فحشه، وما خفي; لأن الفواحش منها شيء مستفحش في نفوس جميع الناس، ومنها شيء فيه خفاء.

وقيل: ما أظهرتموه، وما أسررتموه، فالإظهار: فعل الزنا- والعياذ بالله- مجاهرة، والإبطان فعله سرا. وقيل: ما عظم فحشه، وما كان دون ذلك، لأن الفواحش ليست على حد سواء، ولهذا جاء في الحديث: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ "٣،وهذا يدل على أن الكبائر فيها أكبر وفيها ما دون ذلك.

وقوله: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} ٤ النفس التي حرم الله: هي النفس المعصومة، وهي نفس المسلم، والذمي، والمعاهد، والمستأمن، بكسر الميم. والحق: ما أثبته الشرع. والباطل: ما نفاه الشرع. فمن الحق الذي أثبته الشرع في قتل النفس المعصومة أن يزني المحصن فيرجم حتى يموت، أو يقتل مكافئه، أو يخرج على الجماعة، أو يقطع الطريق، فإنه


١ سورة الأنعام آية: ١٥١.
٢ سورة الأنعام آية: ١٥١.
٣ من حديث أبي بكرة, أخرجه: البخاري (كتاب الشهادات, باب ما قيل في شهادة الزور, ٢/٢٥١) , ومسلم (كتاب الإيمان, باب بيان الكبائر, ١/٩١) .
٤ سورة الأنعام آية: ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>