للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...........................................................................


وقوله: {مِنْ شِرْكٍ} : مبتدأ مؤخر دخلت عليه "من" الزائدة لفظا، لكنها للتوكيد معنى وكل زيادة لفظية في القرآن; فهي زيادة في المعنى وأتت "من" للمبالغة في النفي، وأنه ليس هناك شرك لا قليل ولا كثير.
قوله: {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} ١ الضمير في: {وَمَا لَهُ} يعود إلى الله تعالى، وفي "منهم" يعود إلى الأصنام; أي: ما لله تعالى من هذه الأصنام ظهير و "من": حرف جر زائد، و "ظهير": مبتدأ مؤخر بمعنى معين; كما قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} ٢ ; أي: معينا، وقال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} ٣; أي: معين أي: ليس لله معين يعينه في أفعاله، وبذلك ينتفي عن هذه الأصنام كل ما يتعلق به العابدون; فهي لا تملك شيئا على سبيل الانفراد ولا المشاركة ولا الإعانة، لأن من يعينك وإن كان غير شريك لك يكون له منة عليك; فربما تحابيه في إعطائه ما يريد.
فإذا انتفت هذه الأمور الثلاثة; لم يبق إلا الشفاعة، وقد أبطلها الله بقوله: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} ٤ ; فلا تنفع عند الله الشفاعة لهؤلاء; لأن هذه الأصنام لا يأذن الله لها، فانقطعت كل الوسائل والأسباب للمشركين، وهذا من أكبر الآيات الدالة على بطلان عبادة الأصنام; لأنها لا تنفع عابديها لا استقلالا ولا مشاركة ولا مساعدة ولا شفاعة; فتكون عبادتها باطلة، قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} ٥، حتى ولو كان المدعو عاقلا; لقوله: "من"، ولم يقل: "ما"، ثم قال تعالى: {وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} ٦، وكل

<<  <  ج: ص:  >  >>