للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......................................................................

سالكه، وفي قوله تعالى: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} ١ هنا أضيف إلى الله- عز وجل- فإضافته إلى الله عز وجل- لأنه موصل إليه، ولأنه هو الذي وضعه لعباده- جل وعلا-، وإضافته إلى سالكه لأنهم هم الذين سلكوه.

وقوله: {مُسْتَقِيماً} هذه حال من: {صِرَاطُ} أي: حال كونه مستقيما لا اعوجاج فيه فاتبعوه.

وقوله: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} ٢ السبل، أي: الطرق الملتوية الخارجة عنه، وتفرق: فعل مضارع منصوب بأن بعد فاء السببية، لكن حذفت منه تاء المضارعة، وأصلها: "تتفرق"، أي أنكم إذا اتبعتم السبل تفرقت بكم عن سبيله، وتشتت بكم الأهواء وبعدت.

وهنا قال: (السبل) : جمع سبيل، وفي الطريق التي أضافها الله إلى نفسه قال: (سبيله) سبيل واحد، لأن سبيل الله- عز وجل- واحد، وأما ما عداه، فسبل متعددة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة " ٣، فالسبيل المنجي واحد، والباقية متشعبة متفرقة، ولا يرد على هذا قوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} ٤ لأن: {سُبُلَ} في الآية الكريمة، وإن كانت مجموعة، لكن أضيفت إلى السلام فكانت منجية، ويكون المراد بها شرائع الإسلام.


١ سورة الشورى آية: ٥٣.
٢ سورة الأنعام آية: ١٥٣.
٣ أخرجه: أحمد (٢/٣٣٢) , وأبو داود (٤٥٩٦) , والترمذي (٢٦٤٠) , وابن ماجه (٣٩٩١) , وابن أبي عاصم (٦٦) , وابن حبان (٣٩٩١) ; عن أبي هريرة, وصححه الترمذي والحاكم.
٤ سورة المائدة آية: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>