الثامنة: فيه شاهد لما نقل عن السلف أن البدع سبب الكفر: قال أهل العلم: إن الكفر له أسباب متعددة، ولا مانع أن يكون للشيء الواحد أسباب متعددة، ومن ذلك الكفر، ذكروا من أسبابه البدعة، وقالوا: إن البدعة لا تزال في القلب، يظلم منها شيئا فشيئا; حتى يصل إلى الكفر، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم " كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار "١. وقالوا أيضا: "إن المعاصي بريد الكفر" وبريد الشيء ما يوصل إلى الغاية. والمعاصي كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم تتراكم على القلب; فتنكت فيه نكتة سوداء، فإن تاب; صقل قلبه وابيض٢ وإلا; فلا تزال هذه النكتة السوداء تتزايد حتى يصبح مظلما. وكذلك حذر من محقرات الذنوب، وضرب لها مثلا بقوم نزلوا أرضا، فأرادوا أن يطبخوا، فذهب كل واحد منهم وأتى بعود، فأتى هذا بعود وهذا بعود، فجمعوها، فأضرموا نارا كبيرة٣ وهكذا المعاصي; فالمعاصي لها تأثير قوي على القلب، وأشدها تأثيرا الشهوة فهي أشد من