أما الشهوة، وهي إرادة الإنسان الباطل; فهي البلاء الذي يقتل به العالم والجاهل، ولذا كانت معصية اليهود أكبر من معصية النصارى; لأن معصية اليهود سببها الشهوة وإرادة السوء والباطل، والنصارى سببها الشبهة، ولهذا كانت البدع غالبها شبهة، ولكن كثيرا منها سببه الشهوة، ولهذا يبين الحق لأهل الشهوة من أهل البدع، فيصرون عليها، وغالبهم يقصد بذلك بقاء جاهه ورئاسته بين الناس دون صلاح الخلق، ويظن في نفسه ويملي عليه الشيطان أنه لو رجع عن بدعته لنقصت منزلته بين الناس، وقالوا: هذا رجل متقلب وليس عنده علم، لكن الأمر ليس كذلك; فأبو الحسن الأشعري مضرب المثل في هذا الباب; فإنه لما كان من المعتزلة لم يكن إماما، ولما رجع إلى مذهب أهل السنة صار إماما; فكل من رجع إلى الحق ازدادت منزلته عند الله - سبحانه -، ثم عند خلقه. والخلاصة: أن البدعة سبب للكفر ولا يرد على هذا قول بعض أهل العلم: إن المعاصي بريد الكفر; لأنه لا مانع من تعدد الأسباب. التاسعة: معرفة الشيطان بما تئول إليه البدعة ولو حسن قصد الفاعل: لأن الشيطان هو الذي سول لهؤلاء المشركين أن يصوروا هذه التماثيل والتصاوير; لأنه يعرف أن هذه البدعة تئول إلى الشرك. وقوله: "ولو حسن قصد الفاعل": أي: إن البدعة شر ولو حسن قصد فاعلها، ويأثم إن كان عالما أنها بدعة ولو حسن قصده; لأنه أقدم على المعصية كمن يجيز الكذب والغش ويدعي أنه مصلحة، أما لو كان