ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض، ولعن اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد خوفا من اتخاذ قبره مسجدا، والصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على أن يدفن صلى الله عليه وسلم في بيته بعد تشاورهم لأنهم خشوا ذلك. ويجوز أن يكون بعضهم أشار بأن يدفن في بيته، وليس في ذهنه إلا هذه الخشية، وبعضهم أشار أن يدفن في بيته وعنده علم بأنه صلى الله عليه وسلم قال:"ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض"، وخوفا من اتخاذه مسجدا.
في هذا الحديث والحديث السابق: التحذير من اتخاذ قبور الأنبياء مساجد وهم أفضل الصالحين; لأن مرتبة النبيين هي المرتبة الأولى من المراتب الأربع التي قال الله تعالى عنها: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} ١.
اعتراض وجوابه:
إذا قال قائل: نحن الآن واقعون في مشكلة بالنسبة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم الآن، فإنه في وسط المسجد; فما هو الجواب؟ قلنا: الجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن المسجد لم يبن على القبر، بل بني المسجد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد حتى يقال: إن هذا من دفن الصالحين في المسجد، بل دفن في بيته.
الوجه الثالث: أن إدخال بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها بيت عائشة مع المسجد ليس باتفاق من الصحابة، بل بعد أن انقرض أكثرهم ولم يبق