للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


٤- استعظام هذا الأمر عند الصحابة; لقولهم اليهود والنصارى، فإن الاستفهام للاستعظام; أي: استعظام الأمر أن نتبع سنن من كان قبلنا بعد أن جاءنا الهدى مع النبي صلى الله عليه وسلم
٥- أنه كلما طال العهد بين الإنسان وبين الرسالة; فإنه يكون أبعد من الحق; لأنه أخبر عن مستقبل ولم يخبر عن الحاضر، ولأن من سنن من قبلنا أنه لما طال عليهم الأمد قست قلوبهم، قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} ١.
فإذا كان طول الأمد سببا لقسوة القلب فيمن قبلنا; فسيكون فينا، ويشهد لذلك ما جاء في "البخاري" من حديث أنسرضي الله عنهأنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يأتي عليكم زمان إلا وما بعده أشر منه، حتى تلقوا ربكم "٢٣ ومن تتبع أحوال هذه الأمة وجد الأمر كذلك، لكن يجب أن نعرف الفرق بين الجملة والأفراد; فحديث أنسرضي الله عنهحديث صحيح سندا ومتنا; فالمتن ليس فيه شذوذ، والسند في "البخاري"، والمراد به من حيث الجملة، ولذلك يوجد في أتباع التابعين من هو خير من كثير من التابعين; فلا تيأسوا، فتقولوا: إذا لا يمكن أن يوجد في زماننا هذا مثل من سبق; لأننا نقول: إن مثل هذا الحديث يراد به الجملة، وإذا شئتم أن يتضح الأمر; فانظروا إلى جنس الرجال وجنس النساء; أيهما خير؟

<<  <  ج: ص:  >  >>