للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


والحكمة تقتضيه، ويدل عليه قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ١ ; فيتبين أنه لا يشاء شيئا إلا عن علم وحكمة، وليس لمجرد المشيئة.
خلافا لمن أنكر حكمة الله من الجهمية وغيرهم، فقالوا: إنه لا يفعل الأشياء إلا لمجرد المشيئة، فجعلوا على زعمهم المخلوقين أكمل تصرفا من الله; لأن كل عاقل من المخلوقين لا يتصرف إلا لحكمة، ولهذا كان الذي يتصرف بسفه يحجر عليه، قال تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} ٢.
فنحن نقول: إن الله - جل وعلا - لا يفعل شيئا ولا يحكم بشيء إلا لحكمة، ولكن هل يلزم من الحكمة أن نحيط بها علما؟ الجواب: لا يلزم، لأننا أقصر من أن نحيط علما بحكم الله كلها، صحيح أن بعض الأشياء نعرف حكمتها، لكن بعض الأشياء تعجز العقول عن إدراكها.
والمقصود من قوله: " إذا قضيت قضاء; فإنه لا يرد " بيان أن من الأشياء التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يعطها; لأن الله قضى بعلمه وحكمته ذلك، ولا يمكن أن يرد ما قضاه الله عزوجل والقضاء قد يتوقف على الدعاء، بل إن كل القضاء أو أكثر القضاء له أسباب; إما معلومة أو مجهولة فدخول الجنة لا يمكن إلا بسبب يترتب دخول الجنة عليه، وهو الإيمان والعمل الصالح.
كذلك حصول المطلوب، قد يكون الله عزوجل منعه حتى نسأل، لكن من الأشياء ما لا تقتضي الحكمة وجوده، وحينئذ يجازى الداعي بما هو أكمل، أو يؤخر له ويدخر له عند الله عزوجل أو

<<  <  ج: ص:  >  >>