قوله: " وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة "٢ هذه واحدة. والثانية: قوله: " أن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا "٣ وهذه الإجابة قيدت بقوله: " حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا " إذا وقع ذلك منهم; فقد يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم; فكأن إجابة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في الجملة الأولى بدون استثناء، وفي الجملة الثانية باستثناء "حتى يكون بعضهم ... ". وهذه هي الحكمة من تقديم قوله: "إذا قضيت قضاء; فإنه لا يرد "، فصارت إجابة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مقيدة. ومن نعمة الله أن هذه الأمة لن تهلك بسنة بعامة أبدا; فكل من يدين بدين الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لن يهلك، وإن هلك قوم في جهة بسنة; فإنه لا يهلك الآخرون. فإذا صار بعضهم يقتل بعضا ويسبي بعضهم بعضا; فإنه يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، وهذا هو الواقع; فالأمة الإسلامية حين كانت أمة واحدة عونا في الحق ضد الباطل كانت أمة مهيبة، ولما تفرقت وصار بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا; سلط الله عليهم