قوله: "ومن التمس رضا الناس بسخط الله"; أي: خوفا منهم حتى يرضوا عنه; فقدم خوفهم على مخافة الله تعالى. فيستفاد من الحديث ما يلي: ١- وجوب طلب ما يرضي الله وإن سخط الناس لأن الله هو الذي ينفع ويضر. ٢- أنه لا يجوز أن يلتمس ما يسخط الله من أجل إرضاء الناس كائنا من كان. ٣- إثبات الرضا والسخط لله على وجه الحقيقة، لكن بلا مماثلة للمخلوقين; لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، [الشورى: من الآية١١] ، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، وأما أهل التعطيل; فأنكروا حقيقة ذلك، قالوا: لأن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام، وهذا لا يليق بالله، وهذا خطأ; لأنهم قاسوا سخط الله أو غضبه بغضب المخلوق، فنرد عليهم بأمرين: بالمنع، ثم النقض: فالمنع: أن نمنع أن يكون معنى الغضب المضاف إلى الله (كغضب المخلوقين. والنقض: فنقول للأشاعرة: أنتم أثبتم لله (الإرادة، وهي ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة، والرب (لا يليق به ذلك، فإذا قالوا: هذه إرادة المخلوق. نقول: والغضب الذي ذكرتم هو غضب المخلوق. وكل إنسان أبطل ظواهر النصوص بأقيسة عقلية; فهذه الأقيسة باطلة لوجوه: