ومما سبق يتبين أن التوكل من أعلى المقامات، وأنه يجب على الإنسان أن يكون مصطحبا له في جميع شئونه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولا يكون للمعطلة أن يتوكلوا على الله ولا للمعتزلة القدرية"; لأن المعطلة يعتقدون انتفاء الصفات عن الله تعالى، والإنسان لا يعتمد إلا على من كان كامل الصفات المستحقة لأنه يعتمد عليه. وكذلك القدرية; لأنهم يقولون: إن العبد مستقل بعمله، والله ليس له تصرف في أعمال العباد. ومن ثم نعرف أن طريق السلف هو خير الطرق، وبه تكمل جميع العبادات وتتم به جميع أحوال العابدين. وقد ذكر المؤلف في هذا الباب أربع آيات، أو لها ما جعله ترجمة للباب، وهي: قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا} ، [المائدة: من الآية٢٣] ، "على الله" متعلقة بقوله: "فتوكلوا"، وتقديم المعمول يدل على الحصر; أي: على الله لا على غيره، "فتوكلوا"; أي: اعتمدوا.