قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ؛ "إن": شرطية، وفعل الشرط "كنتم"، وجوابه قيل: إنه محذوف دل عليه ما قبله، وتقدير الكلام: إن كنتم مؤمنين فتوكلوا، وقيل: إنه في مثل هذا التركيب لا يحتاج إلى جواب اكتفاء بما سبق; فيكون ما سبق كأنه فعل معلق بهذا الشيء، وهذا أرجح; لأن الأصل عدم الحذف. وقول أصحاب موسى في هذه الآية يفيد أن التوكل من الإيمان ومن مقتضياته، كما لو قلت: إن كنت كريما فأكرم الضيف. فيقتضي أن إكرام الضيف من الكرم. وهذه الآية تقتضي انتفاء كمال الإيمان بانتفاء التوكل على الله; إلا إن حصل اعتماد كلي على غير الله; فهو شرك أكبر ينتفي له الإيمان كله. الآية الثانية قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ} ؛ "إنما": أداة حصر، والحصر هو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه، والمعنى: ما المؤمنون إلا هؤلاء. وذكر الله في هذه الآية وما بعدها خمسة أوصاف: أحدها: قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} ، أي: خافت؛ لما