للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


(أن هذامن مكره بهم، ولهذا قال: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّه} ِ، ثم ختم الآية بقوله: {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} ، فالذي يمن الله عليه بالنعم والرغد والترف وهو مقيم على معصيته يظن أنه رابح وهو في الحقيقة خاسر.
فإذا أنعم الله عليك من كل ناحية: أطعمك من جوع، وآمنك من خوف، وكساك من عري; فلا تظن أنك رابح وأنت مقيم على معصية الله، بل أنت خاسر; لأن هذا من مكر الله بك.
قوله: {إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} ، الاستثناء للحصر، وذلك لأن ما قبله مفرغ له; فالقوم فاعل، والخاسرون صفتهم.
وفي قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّه} ِ، دليل على أن لله مكرا، والمكر هو: التوصل إلى الإيقاع بالخصم من حيث لا يشعر، ومنه ما جاء في الحديث: (الحرب خدعة ((١) .
فإن قيل: كيف يوصف الله بالمكر، مع أن ظاهره أنه مذموم؟
قيل: إن المكر في محله محمود، يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على خصمه، ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق; فلا يجوز أن تقول: إن الله ماكر، وإنما تذكر هذه الصفة في مقام تكون فيه مدحا، مثل قوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} ، وقال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} ، [النمل:٥٠] ، ومثل قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّه} ، ولا تنفى عنه هذه الصفة على

<<  <  ج: ص:  >  >>