للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} ، [الحجر:٥٦] .


سبيل الإطلاق، بل إنها في المقام التي تكون مدحا؛ يوصف بها، وفي المقام التي لا تكون مدحا لا يوصف بها، وكذلك لا يسمى الله بها; فلا يقال: إن من أسماء الله الماكر.
وأما الخيانة; فلا يوصف الله بها مطلقا لأنها ذم بكل حال; إذ إنها مكر في موضع الائتمان، وهو مذموم، قال تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} ، [الأنفال: من الآية٧١] ، ولم يقل: فخانهم.
وأما الخداع; فهو كالمكر يوصف الله به حيث يكون مدحا; لقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} ، [النساء: من الآية١٤٢] ، والمكر من الصفات الفعلية; لأنها تتعلق بمشيئة الله- سبحانه-.
ويستفاد من هذه الآية:
١- الحذر من النعم التي يجلبها الله للعبد لئلا تكون استدراجا; لأن كل نعمة فلله عليك وظيفة شكرها، وهي القيام بطاعة المنعم، فإذا لم تقم بها مع توافر النعم; فاعلم أن هذا من مكر الله.
٢- تحريم الأمن من مكر الله، وذلك لوجهين:
الأول: أن الجملة بصيغة الاستفهام الدال على الإنكار والتعجب.
الثاني: قوله تعالى: {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} .
الموضوع الثاني مما اشتمل عليه هذا الباب القنوط من رحمة الله واستدل المؤلف له بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ} ، [الحجر: من الآية٥٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>