للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......................................................................


"من": اسم استفهام; لأن الفعل بعدها مرفوع، ثم إنها لم يكن لها جواب، والقنوط: أشد اليأس; لأن الإنسان يقنط ويبعد الرجاء والأمل، بحيث يستبعد حصول مطلوبه أو كشف مكروبه.
قوله: " مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ": هذه رحمة مضافة إلى الفاعل ومفعولها محذوف، والتقدير (من رحمة ربه إياه) .
قوله: " إلا الضالون ": إلا: أداة حصر; لأن الاستفهام في قوله: "ومن يقنط" مراد به النفي، و"الضالون"فاعل يقنط
والمعنى لا يقنط من رحمة الله إلا الضالون، والضال: فاقد الهداية، التائه الذي لا يدري ما يجب لله سبحانه، مع أنه سبحانه قريب الغير، ولهذا جاء في الحديث: (عجب ربنا من قنوط عباده، وقرب غيره; ينظر إليكم أزلين قنطين، فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب ((١) .
وأما معنى الآية فإن إبراهيم عليه السلام لما بشرته الملائكة بغلام عليم قال لهم: {أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ، قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ، قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} ، [الحجر: ٥٤-٥٦] .
فالقنوط من رحمة الله لا يجوز; لأنه سوء ظن بالله (، وذلك من وجهين:
الأول: أنه طعن في قدرته سبحانه; لأن من علم أن الله على كل شيء قدير لم يستبعد شيئا على قدرة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>