قوله: "إنما نحن مصلحون": وهذه دعوى من أبطل الدعاوى، حيث قالوا: ما حالنا وما شأننا إلا الإصلاح. ولهذا قال تعالى: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} ، [البقرة: من الآية١٢] ، "ألا": أداة استفتاح، والجملة مؤكدة بأربع مؤكدات، وهي: "ألا"، و"إن"، وضمير الفصل "هم"، والجملة الاسمية; فالله قابل حصرهم بأعظم منه; فهؤلاء الذين يفسدون في الأرض ويدعون الإصلاح؛ هم المفسدون حقيقة لا غيرهم. ومناسبة الآية للباب ظاهرة، وذلك أن التحاكم إلى غير ما أنزل الله من أكبر أسباب الفساد في الأرض. الآية الثالثة قوله تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} ؛ يشمل الفساد المادي والمعنوي كما سبق. قوله: "بعد إصلاحها": من قبل المصلحين، ومن ذلك الوقوف ضد دعوة أهل العلم، والوقوف ضد دعوة السلف، وضد من ينادي بأن يكون الحكم بما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وقوله: "بعد إصلاحها": من باب تأكيد اللوم والتوبيخ; إذ كيف يفسد الصالح وهذا غاية ما يكون من الوقاحة، والخبث، والشر! فالإفساد