ومناسبة الآية للباب: أن التحاكم إلى ما أنزل الله هو الإصلاح، وأن التحاكم إلى غيره هو الإفساد. الآية الرابعة قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} ، الاستفهام للتوبيخ، و"حكم": مفعول مقدم ل "يبغون"، وقدم لإفادة الحصر، والمعنى: أفلا يبغون إلا حكم الجاهلية. و"يبغون": يطلبون، والإضافة في قوله: "أفحكم الجاهلية" تحتمل معنيين: أحدهما: أن يكون المعنى: أفحكم أهل الجاهلية الذين سبقوا الرسالة يبغون، فيريدون أن يعيدوا هذه الأمة إلى طريق الجاهلية التي أحكامها معروفة، ومنها: البحائر، والسوائب، وقتل الأولاد. ثانيها: أن يكون المعنى: أفحكم الجهل الذي لا يبنى على العلم يبغون، سواء كانت عليه الجاهلية السابقة أم لم تكن، وهذا أعم. والإضافة للجاهلية تقتضي التقبيح والتنفير، وكل حكم يخالف حكم الله; فهو جهل وجهالة. فإن كان مع العلم بالشرع; فهو جهالة، وإن كان مع خفاء الشرع; فهو جهل، والجهالة هي العمل بالخطأ سفها لا جهلا، قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ