وهذا ينصب تماما على أهل التعطيل والتحريف الذين ينكرون الصفات فما الذي يخوفهم من إثباتها والله تعالى قد أثبتها لنفسه؟ وعلى راوية "فرق" أو "فرق" تكون فعلا ماضيا بمعنى ما فرقهم; كقوله تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقنَاهُ} ، [الإسراء: من الآية١٠٦] ; أي: فرقناه. و"ما" يحتمل أن تكون نافية، والمعنى: ما فرق هؤلاء بين الحق والباطل، فجعلوا هذا من المتشابه وأنكروه ولم يحملوه على المحكم، ويحتمل أن تكون استفهامية والمعنى: أي شيء فرقهم فجعلهم يؤمنون بالمحكم ويهلكون عند المتشابه؟ قوله: "يجدون رقة عند محكمه": الرقة: اللين والقبول، و "محكمه"; أي: محكم القرآن. قوله: "ويهلكون عند متشابهه": أي: متشابه القرآن. والمحكم الذي اتضح معناه وتبين، والمتشابه هو الذي يخفى معناه، فلا يعلمه الناس، وهذا إذا جمع بين المحكم والمتشابه، وأما إذا ذكر المحكم مفردا دون المتشابه; فمعناه المتقن الذي ليس فيه خلل: لا كذب في أخباره، ولا جور في أحكامه، قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} ، [الأنعام: من الآية١١٥] ، وقد ذكر الله الإحكام في القرآن دون المتشابه، وذلك مثل قوله تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} ، [يونس:١] ، وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُه} ، [هود: من الآية١] . وإذا ذكر المتشابه دون المحكم؛ صار المعنى أنه يشبه