للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


بعضه بعضا في جودته وكماله، ويصدق بعضه بعضا ولا يتناقض، قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ} ، [الزمر: من الآية٢٣] ، والتشابه نوعان: تشابه نسبي، وتشابه مطلق.
والفرق بينهما: أن المطلق يخفى على كل أحد، والنسبي يخفى على أحد دون أحد، وبناء على هذا التقسيم ينبني الوقف في قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} ، [آل عمران: من الآية٧] ; فعلى الوقف على "إلا الله" يكون المراد بالمتشابه المتشابه المطلق، وعلى الوصل {إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} ، يكون المراد بالمتشابه المتشابه النسبي.
وللسلف في ذلك قولان:
القول الأول: الوقف على "إلا الله"، وعليه أكثر السلف، وعلى هذا; فالمراد بالمتشابه المتشابه المطلق الذي لا يعلمه إلا الله، وذلك مثل كيفية وحقائق صفات الله، وحقائق ما أخبر الله به من نعيم الجنة وعذاب النار، قال الله تعالى في نعيم الجنة: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} ، [السجدة: من الآية١٧] ; أي: لا تعلم حقائق ذلك، ولذلك قال ابن عباس: "ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء"١.
والقول الثاني: الوصل; فيقرأ: {إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} ، وعلى هذا; فالمراد بالمتشابه المتشابه النسبي، وهذا يعلمه الراسخون في العلم ويكون عند غيرهم متشابها، ولهذا يروى عن ابن عباس; أنه قال: "أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله"٢، ولم يقل هذا مدحا لنفسه أو

<<  <  ج: ص:  >  >>