للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: من الآية٢٤] الآية.


قوله: " فقد آذى الله": لا يلزم من الأذية الضرر; فالإنسان يتأذى بسماع القبيح أو مشاهدته، ولكنه لا يتضرر بذلك، ويتأذى بالرائحة الكريهة كالبصل والثوم ولا يتضرر بذلك، ولهذا أثبت الله الأذية في القرآن، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} [الأحزاب:٥٧] . وفي الحديث القدسي: "يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار" ١ ونفى عن نفسه أن يضره شيء، قال تعالى: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً} [آل عمران: من الآية١٧٦] ، وفي الحديث القدسي: "يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني" رواه مسلم٢.
قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [الجاثية: من الآية٢٤] المراد بذلك المشركون الموافقون للدُّهرية - بضم الدال على الصحيح عند النسبة; لأنه مما تُغيَّر فيه الحركة-، والمعنى: وما الحياة والوجود إلا هذا; فليس هناك آخرة، بل يموت بعض ويحيا آخرون، هذا يموت فيدفن وهذا يولد فيحيا، ويقولون: إنها أرحام تدفع، وأرض تبلع، ولا شيء سوى هذا.
قوله: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: من الآية٢٤] أي: ليس هلاكنا بأمر الله وقدره، بل بطول السنين لمن طالت مدته، والأمراض، والهموم، والغموم، لمن قصرت مدته; فالمهلك لهم هو الدهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>