للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


قوله: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} [الجاثية: من الآية٢٤] "ما": نافية، و"علم": مبتدأ خبره مقدم "لهم"، وأكد ب"من" فيكون للعموم: أي ما لهم علم لا قليل ولا كثير، بل العلم واليقين بخلاف قولهم.
قوله: {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: من الآية٢٤] "إن": هنا نافية لوقوع "إلا" بعدها; أي: ما هم إلا يظنون.
الظن هنا بمعنى الوهم; فليس ظنهم مبنيا على دليل يجعل الشيء مظنونا، بل هو مجرد وهم لا حقيقة له; فلا حجة لهم إطلاقا، وفي هذا دليل على أن الظن يستعمل بمعنى الوهم، وأيضا يستعمل بمعنى العلم واليقين; كقوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: من الآية٤٦] .
والرد على قولهم بما يلي:-
أولا: قولهم: {مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [الجاثية: من الآية٢٤] وهذا يرده المنقول والمعقول:
أما المنقول; فالكتاب والسنة تدل على ثبوت الآخرة، ووجوب الإيمان باليوم الآخر، وأن للعباد حياة أخرى سوى هذه الحياة الدنيا، والكتب السماوية الأخرى تقرر ذلك وتؤكده.
وأما المعقول; فإن الله فرض على الناس الإسلام والدعوة إليه، والجهاد لإعلاء كلمة الله، مع ما في ذلك من استباحة الدماء والأموال والنساء والذرية، فمن غير المعقول أن يكون الناس بعد ذلك ترابا لا بعث ولا حياة ولا ثواب ولا عقاب، وحكمة الله تأبى هذا، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: من الآية٨٥] ; أي: الذي أنزل عليك القرآن، وفرض العمل به والدعوة إليه، لا بد أن يردك إلى معاد؛ تجازى فيه، ويجازى فيه كل من بلغته الدعوة.
ثانيا: قولهم: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: من الآية٢٤] أي: إلا مرور الزمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>