للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسب الدهر، وأنا الدهر؛..............................................


وأجابه بعض العلماء بجواب; فقال: أنت الآن أقررت أنك ولد زنا، وإقرارك على نفسك مقبول، وعلى غيرك غير مقبول، ومثلك كما قال الشاعر:
كذلك إقرار الفتى لازم له ... وفي غيره لغو كما جاء شرعن
ولكن أنا في الحقيقة يؤلمني أن يوجد هذا بين أيدي شبابنا; فبعض الناس أخذوا به على أنه أمر محتمل، والواقع أنه لا يحتمل سوى البطلان والكذب، والدس على المسلمين بالتشكيك بما أخبرهم الله به عن خلق آدم وبنيه.
وأيضا مما يحذر عنه كلمة (فكر إسلامي) ; إذ معنى هذا أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد، وهذا خطر عظيم، أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر، والإسلام شرع من عند الله وليس فكرا لمخلوق.
قوله: "يسب الدهر": الجملة تعليل للأذية، أو تفسير لها، أي: بكونه يسب الدهر، أي: يشتمه ويقبحه ويلومه وربما يلعنه - والعياذ بالله - يؤذي الله، والدهر: هو الزمن والوقت، وقد سبق بيان أقسام سب الدهر.
قوله: "وأنا الدهر": أي: مدبر الدهر ومصرفه، لقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: من الآية١٤٠] ، ولقوله في الحديث: "أقلب الليل والنهار"، والليل والنهار هما الدهر. ولا يقال بأن الله هو الدهر نفسه، ومن قال ذلك; فقد جعل الخالق مخلوقا، والمقلِّب (بكسر اللام) مقلَّبا (بفتح اللام) .
فإن قيل: أليس المجاز ممنوعا في كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي اللغة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>