فأما مدلول الحديث; فإن السابين للدهر لم يريدوا سب الله، وإنما أرادوا سب الزمن; فالدهر هو الزمن في مرادهم. وأما الأصل في أسماء الله; فالأصل في أسماء الله أن تكون حسنى; أي: بالغة في الحسن أكمله، فلا بد أن تشتمل على وصف ومعنى، هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني في دلالة هذه الكلمة، ولهذا لا تجد في أسماء الله تعالى اسما جامدا أبدا; لأن الاسم الجامد ليس فيه معنى أحسن أو غير أحسن، لكن أسماء الله كلها حسنى; فيلزم من ذلك أن تكون دالة على معان. والدهر اسم من أسماء الزمن ليس فيه معنى إلا أنه اسم زمن، وعلى هذا; فينتفي أن يكون اسما لله تعالى لوجهين: الأول: أن سياق الحديث يأباه غاية الإباء. الثاني: أن أسماء الله حسنى، والدهر اسم جامد، لا يحمل معنى إلا أنه اسم للأوقات، فلا يحمل المعنى الذي يوصف بأنه أحسن، وحينئذ فليس من أسماء الله تعالى، بل إنه الزمن، ولكن مقلب الزمن هو الله، ولهذا قال: "أقلب الليل والنهار ".