للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقلب الليل والنهار "١.

وفي رواية: "لا تسبوا الدهر; فإن الله هو الدهر "٢.


قوله: " أقلب الليل والنهار " أي: ذواتهما وما يحدث فيهما; فالليل والنهار يُقَلَّبان من طول إلى قصر إلى تساو، والحوادث تتقلب فيه في الساعة، وفي اليوم، وفي الأسبوع، وفي الشهر، وفي السنة، قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: ٢٦] ، وهذا أمر ظاهر، وهذا التقليب له حكمة قد تظهر لنا وقد لا تظهر; لأن حكمة الله أعظم من أن تحيط بها عقولنا، ومجرد ظهور سلطان الله عز وجل وتمام قدرته هو من حكمة الله لأجل أن يخشى الإنسان صاحب هذا السلطان والقدرة، فيتضرع ويلجأ إليه.
قوله: وفي رواية: "لا تسبوا الدهر; فإن الله هو الدهر "٣ وفائدة هذه الرواية: أن فيها التصريح في النهي عن سب الدهر.
قوله: " فإن الله هو الدهر "٤ وفي نسخة: "فإن الدهر هو الله"٥، والصواب: " فإن الله هو الدهر ".
وقوله: " فإن الله هو الدهر "٦ أي: فإن الله هو مدبر الدهر ومصرفه، وهذا تعليل للنهي، ومن بلاغة كلام الله ورسوله قرن الحكم بالعلة؛ لبيان الحكمة وزيادة الطمأنينة، ولأجل أن تتعدى العلة إلى غيرها فيما إذا كان المعلل حكما; فهذه ثلاث فوائد في قرن العلة بالحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>