للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


وأما الشرعي; فهو محك الفتنة والامتحان والاختبار، فمن شرّع للناس شرعا سوى شرع الله، ورأى أنه أحسن من شرع الله وأنفع للعباد، أو أنه مساو لشرع الله، أو أنه يجوز ترك شرع الله إليه; فإنه كافر لأنه جعل نفسه ندا لله عز وجل، سواء في العبادات، أو المعاملات، والدليل على ذلك قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:٥٠] ; فدلت الآية على أنه لا أحد أحسن من حكم الله، ولا مساو لحكم الله; لأن أحسن اسم تفضيل: معناه لا يوجد شيء في درجته، ومن زعم ذلك; فقد كذّب الله عز وجل. وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: من الآية٤٤] ، وهذا دليل على أنه لا يجوز العدول عن شرع الله إلى غيره، وأنه كفر.
فإن قيل: قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: من الآية٤٧] .
قلنا: قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} [النساء:٦٠، ٦١] وهذا دليل على كفرهم; لأنه قال: "يزعمون أنهم آمنوا"، وهذا إنكار لإيمانهم; فظاهر الآية أنهم يزعمون بلا صدق ولا حق.
فقوله صلى الله عليه وسلم "وإليه الحكم" يدل على أن من جعل الحكم لغير الله; فقد أشرك.
فائدة:
يجب على طالب العلم أن يعرف الفرق بين التشريع الذي يجعل نظاما يمشي عليه، ويستبدل به القرآن، وبين أن يحكم في قضية معينة بغير

<<  <  ج: ص:  >  >>