قوله: " انقطعت بي الحبال في سفري " الحبال الأسباب; فالحبل يطلق على السبب وبالعكس، قال تعالى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ} [الحج: من الآية١٥] ، ولأن الحبل سبب يتوصل به الإنسان إلى مقصوده كالرِّشاء يتوصل به الإنسان إلى الماء الذي في البئر. قوله: " فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك " "لا": نافية للجنس، والبلاغ بمعنى الوصول، ومنه تبليغ الرسالة; أي: إيصالها إلى المرسل إليه، والمعنى: لا شيء يوصلني إلى أهلي إلا بالله ثم بك; فالمسألة فيها ضرورة. قوله: "أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن" السؤال هنا ليس سؤال استخبار بل سؤال استجداء; لأن "سأل" تأتي بمعنى استجدى وبمعنى استخبر، تقول: سألته عن فلان; أي: استخبرته، وسألته مالا; أي: استجديته واستعطيته، وإنما قال: "أسألك بالذي أعطاك" ولم يقل: أسألك بالله; لأجل أن يذكره بنعمة الله عليه; ففيه إغراء له على الإعانة لهذا المسكين; لأنه جمع بين أمرين: كونه مسكينا، وكونه ابن سبيل; ففيه سببان يقتضيان الإعطاء. وقوله: "بعيرا": يدل على أن الأبرص أعطي الإبل، وتعبير إسحاق "الإبل أو البقر" من باب ورعه. قوله: "أتبلغ به في سفري": أي: ليس أطيب الإبل، وإنما ما يوصلني إلى أهلي فقط.