للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك! ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيرا، فأعطاك الله عز وجل المال؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر. فقال: إن كنت كاذبا; فصيرك الله إلى ما كنت ".


قوله: " الحقوق كثيرة ": أي: هذا المال الذي عندي متعلق به حقوق كثيرة، ليس حقك أنت فقط، وتناسى - والعياذ بالله - أن الله هو الذي مَنَّ عليه بالجلد الحسن واللون الحسن والمال.
قوله: "كأني أعرفك ": كأن هنا للتحقيق لا للتشبيه; لأنها إذا دخلت على جامد فهي للتشبيه، وإذا دخلت على مشتق; فهي للتحقيق أو للظن والحسبان، والمعنى: أني أعرفك معرفة تامة.
قوله: " ألم تكن أبرص يقذرك الناس " ذَكَّرَه الملك بنعمة الله عليه، وعرفه بما فيه من العيب السابق حتى يعرف قدر النعمة، والاستفهام للتقرير لدخوله على "لم"; كقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح:١] .
قوله: " كابرا عن كابر ": أنكر أن المال من الله، لكنه لم يستطع أن ينكر البرص. و "كابرا" منصوبة على نزع الخافض; أي: من كابر; أي: ممن يكبرني وهو الأب، عن كابر له وهو الجد، وقيل: المراد الكبر المعنوي; أي: إننا شرفاء وسادة وفي نعمة من الأصل، وليس هذا المال مما تجدد، واللفظ يحتمل المعنيين جميعا.
قوله: "إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت " "إن": شرطية ولها مقابل، يعني: وإن كنت صادقا فأبقى الله عليك النعمة. فإن قيل: كيف يأتي ب "إن" الشرطية الدالة على الاحتمال مع أنه يعرف أنه كاذب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>