للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد عليه هذا، فقال: إن كنت كاذبا; فصيرك الله إلى ما كنت.


أجيب: إن هذا من باب التنزل مع الخصم، والمعنى: إن كنت كما ذكرت عن نفسك; فأبقى الله عليك هذه النعمة، وإن كنت كاذبا وأنك لم ترثه كابرا عن كابر; فصيرك الله إلى ما كنت من البرص والفقر، ولم يقل: "إلى ما أقول"; لأنه كان على ذلك بلا شك.
والتنزل مع الخصم يرد كثيرا في الأمور المتيقنة; كقوله تعالى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: من الآية٥٩] ، ومعلوم أنه لا نسبة، وأن الله خير مما يشركون، ولكن هذا من باب محاجة الخصم لإدحاض حجته.
قوله: " وأتى الأقرع في صورته " الفاعل المَلَك، وهنا قال: "في صورته" فقط وفي الأول قال: "في صورته وهيئته" فالظاهر أنه تصرف من الرواة، وإلا; فالغالب أن الصورة قريبة من الهيئة، وإن كانت الصورة تكون خلقة، والهيئة تكون تصنعا في اللباس ونحوه، وقد جاء في رواية البخاري: "في صورته وهيئته".
قوله: "فقال له مثل ما قال لهذا ": المشار إليه الأبرص.
قوله: "فرد عليه": أي: الأقرع.
قوله: " مثل ما رد عليه هذا ": أي: الأبرص. فكلا الرجلين - والعياذ بالله - غير شاكر لنعمة الله ولا معترف بها ولا راحم لهذا المسكين الذي انقطع به السفر.
قوله: " فصيرك الله إلى ما كنت عليه " أي: ردك الله إلى ما كنت عليه من القرع الذي يقذرك الناس به والفقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>