للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري; فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك; شاة أتبلغ بها في سفري. قال: قد كنت أعمى فرد الله عليّ بصري; فخذ ما شئت، فوالله; لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك; فإنما ابتليتم؛.......................................


قوله: " فرد الله عليّ بصري " اعترف بنعمة الله، وهذا أحد أركان الشكر والركن الثاني: العمل بالجوارح في طاعة المنعم، والركن الثالث: الاعتراف بالنعمة في القلب، قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
قوله: " فوالله; لا أجهدك بشيء أخذته لله " الجهد: المشقة، والمعنى: لا أشق عليك بمنع ولا منة، واعترافه بلسانه مطابق لما في قلبه، فيكون دالا على الشكر بالقلب بالتضمن.
قوله: "خذ ما شئت ودع ما شئت" هذا من باب الشكر بالجوارح; فيكون هذا الأعمى قد أتم أركان الشكر.
قوله: "لله": اللام للاختصاص، والمعنى: لأجل الله، وهذا ظاهر في إخلاصه لله; فكل ما تأخذه لله فأنا لا أمنعك منه ولا أردك.
قوله: " إنما ابتليتم ": أي: اختبرتم، والذي ابتلاهم هو الله تعالى، وظاهر الحديث أن قصتهم مشهورة معلومة بين الناس; لأن قوله: "إنما ابتليتم" يدل على أن عنده علما بما جرى لصاحبيه، وغالبا أن مثل هذه القصة تكون مشهورة بين الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>