قوله: "في الآية الأولى": يعني قوله: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} ١ فسر بأن الله لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل; أي: يزول، وفسر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته، يؤخذ هذا التفسير من قولهم: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ٢ ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يظهره الله على الدين كله. ففسر بما يكون طعنا في الربوبية وطعنا في الأسماء والصفات; فالطعن في القدر طعن في ربوبية الله عز وجل؛ لأن من تمام ربوبيته عز وجل أن نؤمن بأن كل ما جرى في الكون فإنه بقضاء الله وقدره، والطعن في الأسماء والصفات تضمنه الطعن في أفعاله وحكمته، حيث ظننا أن الله تعالى لا ينصر رسوله، وسوف يضمحل أمره; لأنه إذا ظن الإنسان هذا الظن بالله، فمعنى ذلك أن إرسال الرسول عليه الصلاة والسلام عبث وسفه، فما الفائدة من أن يرسل رسول ويؤمر بالقتال وإتلاف الأموال والأنفس، ثم تكون النتيجة أن يضمحل أمره وينسى؟ فهذا بعيد. ولا سيما رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو خاتم النبيين; فإن الله تعالى قد أذن بأن شريعته سوف تبقى إلى يوم القيامة. قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون