للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كان هذا ظن السوء; لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق.

فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة; فذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار.


خلقناهما إلا بالحق} ١ الذي هو ضد الباطل، وهؤلاء قالوا: إن الله تعالى خلقهما باطلا لغير حكمة، قال الله: {ذالك ظن الذين كفروا} ٢ أي: الذين يظنون أن الله خلقهما باطلا وعبثا سفها ولعبا.
والمعتزلة على العكس من ذلك، يقولون: لا يقدر إلا لحكمة، ويفرضون على الله ما يشاءون، وقد ذكر صاحب "مختصر التحرير الفتوحي" رحمه الله: أن في المسألة قولين في المذهب. ولكن الصواب بلا ريب أنه لا يفعل شيئا ولا يقدره على عبده ولا يشرع شيئا إلا لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد والشكر.
قوله: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} ٣ "ويل": مبتدأ، وساغ الابتداء بالنكرة: للتعظيم، وخبر المبتدأ: "للذين كفروا"، والجار والمجرور "من النار" بيان لويل، وفي هذا دليل على أن كلمة "ويل" كلمة وعيد وليست كما قيل: واد في جهنم، ولهذا نقول: ويل لك من البرد، ويل لك من فلان، ويقول المتوجع: ويلاه، وإن كان قد يوجد واد في جهنم اسمه ويل، لكن ويل في مثل هذه الآية كلمة وعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>