وقوله {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} ١ أي: العيب فيما يختص بهم، كما إذا دعوا الله على الوجه المشروع يظنون أن الله لا يجيبهم، أو إذا تعبدوا الله بمقتضى شريعته يظنون أن الله لا يقبل منهم، وهذا ظن السوء فيما يختص بهم. قوله: "فيما يفعله بغيرهم": كما إذا رأوا أن الكفار انتصروا على المسلمين بمعركة من المعارك ظنوا أن الله يديل هؤلاء الكفار على المسلمين دائما; فالواجب على المسلم أن يحسن الظن بالله مع وجود الأسباب التي تقتضي ذلك. قوله: "ولا يسلم من ذلك": أي: من الظن السوء. قوله: "إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده": صدق رحمه الله، لا يسلم من ظن السوء إلا من عرف الله عز وجل وما له من الحكم والأسرار فيما يقدره ويشرعه، وكذلك عرف أسماءه وصفاته معرفة حقة لا معرفة تحريف وتأويل. ولهذا حُجب المحرِّفون والمؤوّلون عن معرفة أسماء الله وصفاته; فتجد قلوبهم مظلمة غالبا، تحاول أن تورد الإشكالات والتشكيك والجدل، أما من أبقى أسماء الله وصفاته على ما دلت عليه، وسلك في ذلك مذهب السلف، فإن قلبه لا يرد عليه مثل هذه الاعتراضات التي ترد على قلوب أولئك المحرفين; لأن المحرفين إنما أتوا من جهة ظنهم بالله ظن السوء، حيث ظنوا أن الكتاب والسنة دل ظاهرهما على التمثيل والتشبيه، فأخذوا يحرفون الكلم عن مواضعه وينكرون ما أثبت الله لنفسه،