للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن كل معطل ممثل، وكل ممثل معطل.
أما كون كل معطل ممثلا، فلأنه إنما عطل لكونه ظن أن دلالة الكتاب والسنة تقتضي التمثيل، فلما ظن هذا الظن السيئ بنصوص الكتاب والسنة أخذ يحرفها ويصرفها عن ظاهرها; فمثل أولا، وعطل ثانيا، ثم إنه إذا عطل صفات الله تعالى خوفا من تشبيهه بالموجود; فقد شبهه بالمعدوم، وأما كون كل ممثل معطلا; فلأن الممثل عطل الله تعالى من كماله الواجب حيث مثله بالمخلوق الناقص، وعطل كل نص يدل على نفي مماثلة الخالق للمخلوق.
وعلى هذا; فالذي عرف أسماء الله وصفاته معرفة على ما جرى عليه سلف هذه الأمة وأئمتها، وعرف موجب حكمة الله; أي: مقتضى حكمة الله; لا يمكن أن يظن بالله ظن السوء.
وقوله: "موجب": موجب; بالفتح: هو المسبب الناتج عن السبب بمعنى المقتضى، وبالكسر: السبب الذي يقتضي الشيء بمعنى المقتضي، والمراد هنا الأول. فالذي يعرف موجب حكمة الله وما تقتضيه الحكمة; فإنه لا يمكن أن يظن بالله ظن السوء أبدا، ولاحظ الحكمة التي حصلت للمسلمين في هزيمتهم في حنين، وفي هزيمتهم في أحد; فإن في ذلك حكما عظيمة ذكرها الله في سورة آل عمران والتوبة; فهذه الحكم إذا عرفها الإنسان لا يمكن أن يظن بالله ظن السوء، وأنه أراد أن يخذل رسوله وحزبه، بل كل ما يجريه الله في الكون; كمنع الإنبات والفقر; فهو لحكمة بالغة قد لا نعلمها، ولا يمكن أن يظن أن الله بخل على عباده; لأنه عز وجل أكرم الأكرمين، وعلى هذا فقس.

<<  <  ج: ص:  >  >>