أما كون كل معطل ممثلا، فلأنه إنما عطل لكونه ظن أن دلالة الكتاب والسنة تقتضي التمثيل، فلما ظن هذا الظن السيئ بنصوص الكتاب والسنة أخذ يحرفها ويصرفها عن ظاهرها; فمثل أولا، وعطل ثانيا، ثم إنه إذا عطل صفات الله تعالى خوفا من تشبيهه بالموجود; فقد شبهه بالمعدوم، وأما كون كل ممثل معطلا; فلأن الممثل عطل الله تعالى من كماله الواجب حيث مثله بالمخلوق الناقص، وعطل كل نص يدل على نفي مماثلة الخالق للمخلوق. وعلى هذا; فالذي عرف أسماء الله وصفاته معرفة على ما جرى عليه سلف هذه الأمة وأئمتها، وعرف موجب حكمة الله; أي: مقتضى حكمة الله; لا يمكن أن يظن بالله ظن السوء. وقوله: "موجب": موجب; بالفتح: هو المسبب الناتج عن السبب بمعنى المقتضى، وبالكسر: السبب الذي يقتضي الشيء بمعنى المقتضي، والمراد هنا الأول. فالذي يعرف موجب حكمة الله وما تقتضيه الحكمة; فإنه لا يمكن أن يظن بالله ظن السوء أبدا، ولاحظ الحكمة التي حصلت للمسلمين في هزيمتهم في حنين، وفي هزيمتهم في أحد; فإن في ذلك حكما عظيمة ذكرها الله في سورة آل عمران والتوبة; فهذه الحكم إذا عرفها الإنسان لا يمكن أن يظن بالله ظن السوء، وأنه أراد أن يخذل رسوله وحزبه، بل كل ما يجريه الله في الكون; كمنع الإنبات والفقر; فهو لحكمة بالغة قد لا نعلمها، ولا يمكن أن يظن أن الله بخل على عباده; لأنه عز وجل أكرم الأكرمين، وعلى هذا فقس.