وأما قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ١ فهو حجة عليهم; لأنه أضاف العمل إليهم، وأما كون الله تعالى خالقه; فلأن عمل العبد حاصل بإرادته الجازمة وقدرته التامة، والإرادة والقدرة مخلوقان لله عز وجل فكان الحاصل بهما مخلوقا لله. وأما قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} ٢ فهو حجة عليهم; لأن الله تعالى أضاف الرمي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم لكن الرمي في الآية له معنيان: أحدهما: حذف المرمي، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي أضافه الله إليه. والثاني: إيصال المرمي إلى أعين الكفار الذين رماهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتراب يوم بدر فأصاب عين كل واحد منهم، وهذا من فعل الله; إذ ليس بمقدور النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصل التراب إلى عين كل واحد منهم. وأما قوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} ٣ فلعمر الله; إنه لحجة على هؤلاء الجبرية، فقد أبطل الله تعالى حجة هؤلاء المشركين الذين احتجوا بالقدر على شركهم حين قال في الآية نفسها: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} ٤ وما كان الله ليذيقهم بأسه وهم على حق فيما احتجوا به. ثم نقول: القول بالجبر باطل بالكتاب والسنة والعقل والحس وإجماع السلف، ولا يقول به من قدر الله حق قدره وعرف مقتضى حكمته ورحمته.