للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتؤمن بالقدر خيره وشره " رواه مسلم١.


عراة غرلا بهما من الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالموازين والصحف والصراط والحوض والشفاعة والجنة وما فيها من النعيم والنار وما فيها من العذاب الأليم; كل هذا من الإيمان باليوم الآخر. ومنه ما هو معلوم بالقرآن، ومنه ما هو معلوم بالسنة بالتواتر وبالآحاد فكل ما صحت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر اليوم الآخر، فإنه يجب علينا أن نؤمن به.
"قوله: " وتؤمن بالقدر خيره وشره ": هنا أعاد الفعل ولم يكتف بواو العطف; لأن الإيمان بالقدر مهم، فكأنه مستقل برأسه.
والإيمان بالقدر هو أن تؤمن بتقدير الله عز وجل للأشياء كلها، سواء ما يتعلق بفعله أو ما يتعلق بفعل غيره، وأن الله عز وجل قدرها وكتبها عنده قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ومعلوم أنه لا كتابة إلا بعد علم; فالعلم سابق على الكتابة، ثم إنه ليس كل معلوم لله -سبحانه وتعالى- مكتوبا; لأن الذي كتب إلى يوم القيامة، وهناك أشياء بعد يوم القيامة كثيرة أكثر مما في الدنيا هي معلومة عند الله عز وجل ولكنه لم يرد في الكتاب والسنة أنها مكتوبة.
وهذا القدر، قال بعض العلماء: إنه سر من أسرار الله، وهو كذلك لم يطلع الله عليه أحدا; لا ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا; إلا ما أوحاه الله عز وجل إلى رسله أو وقع فعلم به الناس، وإلا; فإنه سر مكتوم، قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً} ٢ الآية، وإذا قلنا: إنه سر مكتوم; فإن هذا القول يقطع احتجاج العاصي بالقدر على معصيته; لأننا نقول لهذا الذي عصى الله عز وجل وقال: هذا مقدر

<<  <  ج: ص:  >  >>