للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


علي: ما الذي أعلمك أنه مقدر عليك حتى أقدمت; أفلا كان الأجدر بك أن تقدر أن الله تعالى قد كتب لك السعادة وتعمل بعمل أهل السعادة لأنك لا تستطيع أن تعلم أن الله كتب عليك الشقاء إلا بعد وقوعه منك؟
قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} ١ فالقول بأن القدر سر من أسرار الله مكتوم لا يطلع عليه إلا بعد وقوع المقدور تطمئن له النفس، وينشرح له الصدر، وتنقطع به حجة البطالين.
وقوله: "خيره وشره": الخير: ما يلائم العبد، والشر: ما لا يلائمه. ومعلوم أن المقدورات خير وشر; فالطاعات خير، والمعاصي شر، والغنى خير، والفقر شر، والصحة خير، والمرض شر، وهكذا.
وإذا كان القدر من الله; فكيف يقال: الإيمان بالقدر خيره وشره والشر لا ينسب إلى الله؟
فالجواب: أن الشر لا ينسب إلى الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم "والشر ليس إليك"٢، فلا ينسب إليه الشر لا فعلا ولا تقديرا ولا حكما، بل الشر في مفعولات الله لا في فعله، ففعله كله خير وحكمة، فتقدير الله لهذه الشرور له حكمة عظيمة، وتأمل قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ٣ تجد أن هذا الفساد الذي ظهر في البر والبحر كان لما يرجى به من العاقبة الحميدة، وهي الرجوع إلى الله عز وجل ويظهر الفرق بين الفعل والمفعول في المثال التالي:
ولدك حينما يشتكي ويحتاج إلى كي تكويه بالنار; فالكي شر، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>