للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أخطأك لم يكن ليصيبك،..........................................


كذا هي تقديرات يائسة، لا تؤثر شيئا، وأيا كان; فالمعنى صحيح على الوجهين، فما قدره الله أن يصيب العبد فلا بد أن يصيبه ولا يمكن أن يخطئه، وما وقع مصيبا للإنسان; فإنه لن يمنعه شيء، فإذا آمنت هذا الإيمان ذقت طعم الإيمان; لأنك تطمئن وتعلم أن الأمر لا بد أن يقع على ما وقع عليه، ولا يمكن أن يتغير أبدا.
مثال ذلك: رجل خرج بأولاده للنزهة، فدب بعض الأولاد إلى بِركة عميقة، فسقط، فغرق، فمات، فلا يقول: لو أنني ما خرجت لما مات الولد، بل لا بد أن تجري الأمور على ما جرت عليه، ولا يمكن أن تتغير; فما أصابك لم يكن ليخطئك، فحينئذ يطمئن الإنسان ويرضى، ويعرف أنه لا مفر، وأن كل التقديرات والتخيلات التي تقع في ذهنه كلها من الشيطان; فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان، وحينئذ يرضى ويسلم، وقد أشار الله إلى هذا المعنى في قوله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} ١.
فأنت إذا علمت هذا العلم وتيقنته بقلبك; ذقت حلاوة الإيمان، واطمأننت، واستقر قلبك، وعرفت أن الأمر جار على ما هو عليه لا يمكن أن يتغير، ولهذا كثيرا ما يجد الإنسان أن الأمور سارت ليصل إلى هذه المصيبة; فتجده يعمل أعمالا لم يكن من عادته أن يعملها حتى يصل إلى ما أراد الله عز وجل مما يدل على أن الأمور بقضاء الله وقدره.
وقوله: "وما أخطأك لم يكن ليصيبك": نقول فيه مثل الأول; يعني: ما قدر أن يخطئك فلن يصيبك، فلو أن أحدا سمع بموسم تجارة في بلد

<<  <  ج: ص:  >  >>