ثم استدل لما يقول بقوله: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم ". القلم بالرفع، وروي بالنصب. فعلى رواية الرفع يكون المعنى: أن أول ما خلق الله هو القلم، لكن ليس من كل المخلوقات، كما سنبينه إن شاء الله تعالى. وأما على رواية النصب; فيكون المعنى: أن الله أمر القلم أن يكتب عند أول خلقه له; يعني: خلقه ثم أمره أن يكتب، وعلى هذا المعنى لا إشكال فيه، لكن على المعنى الأول الذي هو الرفع: هل المراد أن أول المخلوقات كلها هو القلم؟ الجواب: لا; لأننا لو قلنا: إن القلم أول المخلوقات، وإنه أمر بالكتابة عندما خلق، لكنا نعلم ابتداء خلق الله للأشياء، وأن أول بدء خلق الله كان قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ونحن نعلم أن الله عز وجل خلق أشياء قبل هذه المدة بأزمنة لا يعلمها إلا الله عز وجل لأن الله عز وجل لم يزل ولا يزال خالقا، وعلى هذا; فيكون: إن أول ما خلق الله القلم يحتاج إلى تأويل ليطابق ما علم بالضرورة من أن الله تعالى له مخلوقات قبل هذا الزمن. قال أهل العلم: وتأويله: إن المعنى: أن أول ما خلق الله القلم بالنسبة لما نشاهده فقط من المخلوقات; كالسماوات والأرض ... فهي أولية نسبية، وقد قال ابن القيم في نونيته: