للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم القائل بأن طهارة الثياب ليست بشرط هو أحق بالإستدلال بهذا الحديث لأنه يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعله وبنى على ما قد فعله من الصلاة قبل خلعه فلو كان وجود النجاسة والملبوس والمحمول يوجب بطلان الصلاة لما بنى صلى الله عليه وسلم على ما قد كان صلى.

قوله: "وإباحة ملبوسه وخيطه وثمنه المعين"

أقول: تخصيص الملبوس باشتراط الحل والإباحة دون المحمول مبني على اصطلاح وقع للمشتغلين بالفقه في هذه الديار وهو خطأ وقد بني عليه الخطأ.

ولا بد من ان يكون ما دخل به المصلى في صلاته مما يجعله على بدنه كائنا ما كان حلالا فإن كان مغصوبا أو بعضه فعليه إثم الغصب وأما أنها لا تصح الصلاة فيه فمبني على ورود دليل يدل على ذلك نعم قد انضم إلي إثم النصب إثم دخوله في الصلاة بما هو مأمور بخلافه وإذا صح حديث ابن عمر الذي أخرجه أحمد بلفظ "من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم حرام لم يقبل الله عز وجل له صلاته ما دام عليه" [أحمد "٩٨"] ، ثم أدخل إصبعه في أذنيه وقال صمتا إن لم أكن سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم كان دليلا على عدم صحة صلاة من كان عليه شيء غير حلال وأما ما قيل إن ذلك تشديد كسائر ما ورد فيه الوعيد بنفي القبول من العاصي فمردود بل الواجب علينا تفسير نفي القبول بالمعنى الظاهر العربي.

وإذا ورد ما يدل على صحة صلاة من ورد النص بنفي قبولها منه كان ذلك مخصصا له من العموم كما تقدم.

قول: "وفي الحرير خلافة".

أقول: من قال بتحريم لبسه مطلقا كان لبسه في حال الصلاة أحق بالتحريم لأنه دخل في عبادة الرب سبحانه لابسا ما حرمه وتوعد على لبسه فعليه إثم فاعل المحرم وعقوبته وأما أن صلاته تبطل فهذا يحتاج إلي دليل يدل على ذلك ولا يدل على ذلك إلا ما كان مفيدا لنفي صحة صلاة من صلى لابسا للحرير كما قدمنا بيان ذلك في أول هذا الفصل.

قوله: "فإن تعذر فعاريا قاعدا موميا أدناه".

أقول: قد جعل الله في الأمر سعة وفي الشريعة الواردة باليسر ما يخفف الخطب على هذا الذي لم يجد ما يستر به عورته إلا ما كان متنجسا فيدخل في الصلاة على تلك الهيئة المنكرة كاشفا سوءته ثم يترك بعض أركانها ولا شك أن الصلاة بالثوب المتنجس أهون من ذلك فتكون الصلاة في هذه الحالة في الثوب المتنجس عفوا للضرورة وللوقوع فيما هو أشد مما فر منه وقد جاز أكل الميتة عند عدم وجود ما يسد الرمق والشريعة مهيمنة على رعاية المصالح ودفع المفاسد والمعأدلة بين المفاسد إذا كان ولا بد من الوقوع في واحد منها.

وهكذا تجوز الصلاة في الثوب المغصوب إذا كان لا يجد غيره من ثياب ولا شجر يستر عورته وقد اجاز الله مال الغير لسد الرمق وهذا مع عدم خشية الضرر فأما مع خشية التلف فالأمر أوضح ولا وجه للتقيد بخشية التلف وهكذا.

<<  <   >  >>