للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإسلامية فعليه الدليل على أنه قد تقدم عن أبي أمامة أنه قال شهدت صفين فكانوا لا يجيزون على جريحهم ولا يقتلون موليا ولا يسلبون قتيلا وأما ما روي عن علي أنه قال يوم الجمل وانظروا إلى ما حضروا به الحرب من آلة فاقبضوه وما سوى ذلك فهو لورثتهم فقد قال البيهقي إنه منقطع قال: والصحيح أنه لم يأخذ شيئا ولم يسلب قتيلا انتهى وأخرج البيهقي أيضا عن علي أنه كان لا يأخذ سلبا وبهذا تعرف أنه لا فرق بين ما أجلبوا به وما لم يجلبوا به وبين آلة الحرب وغيرها وبين المغصوب وغيره.

قوله: "ولكن للإمام فقط تضمينهم وأعوانهم" الخ.

أقول: هذا صواب لأنهم أخذوا هذه الأموال من غير حلها فجاز للإمام أن يأخذها منهم أو مثلها لأنه مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد الظالم وإنصاف المظلوم وهذا منه ولا فرق بين أن يكون الذي أخذوه من أموال بني آدم أو من الأموال التي لبيت مال المسلمين لأن الكل مظلمة ومن استشكل مثل هذا وأورد في تأييد بحثه فيه ما لا يسمن ولا يغني من جوع فلم يصب.

قوله: "ولا ينقض له ما وضعوه من أموالهم" الخ.

أقول: قد قدمنا أن تضمينهم لما أخذوه ظلما وعدوانا حق ولكن ما تقربوا به من أملاكهم وأخرجوه عنهم قد وقع موقعه فليس للإمام أن ينقضه ويجعله عوضا عما أتلفوه لأن ذلك قد خرج عن أملاكهم وصار لمصرفه فلا يحل نقضه بحال وهكذا ما أخرجوه عن أملاكهم في مباح أو محظور لأن الذي أخرجوه لم يبق لهم فيه ملك وصار ملكا لمن قد صار في يده والخطاب عليهم في الضمان إنما هو في أملاكهم الباقية تحت أيديهم.

وأما قوله: "وللمسلم أخذ ما ظفر به من مال الله معهم لنفسه" فلا وجه له بل يأخذه ويرده إلى بيت مال المسلمين ليصرفه الإمام في مصارفه وليس له أن يصرف في نفسه مع وجوده وإن كان مستحقا.

[فصل

ومن أرسل أو أمنه قبل نهي الإمام مكلف مسلم متمنع منهم دون سنة ولو بإشارة أو تعال لم يجز خرمه فإن اختل قيد رد مأمنه غالبا ويحرم للغدر ولا يمكن المستأمن من شراء آلة الحرب إلا بأفضل والبينة على المؤمن بعد الفتح إلا الإمام فالقول له] .

قوله: "فصل: ومن أرسل" الخ.

أقول: وجهه أن تأمين الرسل ثابت في الشريعة الإسلامية ثبوتا معلوما فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل إليه الرسل من الكفار فلا يتعرض لهم أحد من أصحابه وكان ذلك طريقة مستمرة وسنة ظاهرة

<<  <   >  >>