للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا كان الأمر عند غير أهل الإسلام من ملوك الكفر فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يراسلهم من غير تقدم أمان منهم لرسله فلا يتعرض لهم متعرض.

والحاصل أنه لو قال قائل: إن تأمين الرسل قد اتفقت عليه الشرائع لم يكن ذلك بعيدا وقد كان أيضا معلوما ذلك عند المشركين أهل الجاهلية عبدة الأوثان ولهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقهما"، قاله لرسولي مسيلمة أخرجه أحمد "٣/٤٨٧"، وأبو داود "٢٧٦١"، فقوله: "لولا أن الرسل لا تقتل"، فيه التصريح بأن شأن الرسل أنهم لا يقتلون في الإسلام وقبله ومثل هذا ما ثبت في حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم قال لرسولي مسيلمة: "لو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما"، أخرجه أحمد "١/٣٨٤"، وأبو داود "٢٧٦٢"، والنسائي والحاكم وفيه ابن مسعود قال فمضت السنة أن الرسل لا تقتل.

وقوله: "أو أمته قبل نهي الإمام مكلف مسلم".

أقول: الأدلة في هذا كثيرة جدا فمن ذلك حديث علي عند أحمد "١/١٢٢"، وأبي داود "٤٥٣٠"، والنسائي "٨/٢٤"، والحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم"، ومن ذلك ما أخرجه أحمد "٢/١٩١، ١٩٢، ٢١١"، وأبو داود "٢٧٥١"، وابن ماجه ٢٦٨٥، ٢٦٥٩ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ: "يد المسلمين على من عداهم تتكافأ دماؤهم ويجير عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عمر مطولا وأخرجه ابن ماجه من حديث معقل بن يسار مختصرا وأخرجه أيضا مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: "ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" وهو أيضا متفق عليه من حديث علي بأول من هذا وأخرجه البخاري من حديث أنس وفي الباب أحاديث وقد دخل في قوله: "أدناهم" العبد والمرأة والصبي لكنه حكى ابن المنذر الإجماع على أن أمان الصبي غير جائز فكان هذا الإجماع مخرجا له من الدخول تحت ذلك اللفظ وأما المرأة فقال ابن المنذر أيضا أجمع أهل العلم على جواز أمان المرأة انتهى ويدل على ذلك ما أخرجه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المرأة لتأخذ للقوم يعني تجير على المسلمين"، وأخرج أبو داود ٢٧٦٤"، والنسائي عن عائشة قالت إن كانت المرأة لتجير على المؤمنين فيجوز وثبت في الصحيحين [البخاري "٣٥٧"، مسلم "٣٣٦"، وغيرهما أبو داود "٢٧٦٣"، الترمذي "٢٧٣٥"، النسائي "١/١٢٦"، أحمد "٦/٣٤٣، ٤٢٣، ٤٢٥"، من حديث أم هانىء وأنها أجارت رجلا يقال له فلان بن هبيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانى".

وأما العبد فهو داخل أيضا في قوله: "يسعى بذمتهم أدناهم" وقد أجاز أمانة الجمهور وقال أبو حنيفة: إن قاتل جاز أمانة وإلا فلا وأما اشتراط الإسلام فلكون الأدلة إنما دلت على

<<  <   >  >>