للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وقع في بعض روايات هذا الحديث أنه كان غلأما ولفظ الغلام يطلق على الكبير والصغير قالت ليلى الأخيلية في مدح الحجاج:

شفاها من الذى العضال الذب بها ... غلام إذا هز القناة سقاها

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

أنا الغلام القرشي المؤتمن ... أبو حسين فاعلمن والحسن

وقال الأزهري سمعت العرب يقولون للمولود غلام وسمعتهم يقولون للكهل غلام.

ومما يدل على أنه كان رجلا ما وقع في رواية النسائي ["٦٣٣"] ، قال أبو محذورة خرجت عاشر عشرة من مكة فسمعناهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزىء بهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت" فأرسل إلينا فأذنا رجلا رجلا وكنت آخرهم الحديث.

فقوله رجلا يدل على أنه كان رجلا وقال السهيلي إنه كان أبو محذورة في أول إذانه في ست عشرة سنة.

قوله: "ذكر".

أقول: الإذان إعلام بدخول الوقت ودعاء إلي الصلاة فلا يكون إلا برفع الصوت والمرأة مأمورة بالستر ولم يسمع في ايام النبوة ولا في الصحابة ولا فيمن بعدهم من التابعين وتابعيهم أنه وقع التأذين المشروع الذي هو إعلام بدخول الوقت ودعاء إلي الصلاة من امرأة قط.

وأما إذان المرأة لنفسها أو لمن يحضر عندها من النساء مع عدم رفع الصوت رفعا بالغا فلا مانع من ذلك بل الظاهر أن النساء ممن يدخل في الخطاب بالإذان كما قدمنا ذلك.

قوله: "معرب".

أقول: الإذان عبادة شرعية فينبغي أن يكون على الصفة الواردة عن الشارع ومعلوم أنه كان يؤدى معربا على ما تقتضيه لغة العرب فمن جاء به على غير تلك الصفة فهو لم يفعل ما أمر به كسائر الأذكار الواردة عن الشارع.

قوله: "عدل"

أقول: قد عرفت أن الإذان إعلام بدخول الوقت للصلاة ودعاء إليها ومن كان غير عدل ولا يؤمن على الوقات ولا يقبل إذا أخبر بدخولها فيفوت المقصود من جعله مؤذنا.

ويؤيد هذا ما أخرجه أبو دأود ["٥٩٠"] ، وابن ماجه ["٧٢٦"] ، من حديث ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليؤذن لكم خياركم"، وفي إسناده الحسين بن عيسى الحنفي الكوفي وفيه مقال لا يوجب عدم الاحتجاج بحديثه.

وأخرج أحمد وابو دأود وابن حبان وابن خزيمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين".

<<  <   >  >>