وروى أيضا من حديث عائشة قال أبو زرعة حديث أبي هريرة أصح من حديث عائشة وصحح الحديثين جميعا ابن حبان.
وقد أطلت الكلام على الحديثين في شرحي للمنتقي فليرجع إليه.
ووصفه صلى الله عليه وسلم للمؤذن بأنه مؤتمن يدل على أنه لا بد أن يكون عدلا لأن من ليس بعدل ليس بمؤتمن.
قوله:"طاهر من الجنابة".
أقول: لم يأت ما تقوم به الحجة لا في كون المؤذن طاهرا من الحدث الأكبر ولا من الحدث الأصغر لأن ما هو مرفوع في ذلك لم يصح وما هو موقوف على صحأبي أو تابعي لا تقوم به الحجة وإن كان التطهر للمؤذن من الحدثين هو الأولى والأحسن فقد كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد السلام وهو محدث حدثا اصغر حتى توضأ كما في رواية وتيمم كما في أخرى والإذان أولى بذلك من مجرد رد السلام.
قوله:"ولو قاضيا أو قاعدا أو غير مستقبل".
أقول: لا شك أن الإذان من المذكورين يجزىء ولكنه في القاعد وغير المستقبل مخالف للهيئة المشروعة الثابتة
قوله:"ويقلد البصير في الوقت في الصحو".
أقول: ليس هذا من التقليد في شيء بل هو من باب قبول الرواية لأن المؤذن العدل العارف بمداخل الأوقات ومخارجها إذا أذن فهو بإذانه مخبر بدخول الوقت ولا سيما إذا كان في محل مرتفع كالمنارة وأما مع الغيم فهو مانع من صحة الرواية لأنه يحول بين المؤذن وبين العلامات التي يستدل بها على دخول الأوقاف فلم يكن لروايته بالإذان صحة يتعين عندها القبول.
[فصل
"ولا يقيم إلا هو متطهرا فتكفي من صلى في ذلك المسجد تلك الصلاة ولا يضر إحداثه بعدها وتصح النيابة والبناء للعذر والإذن"] .
قوله: فصل: "ولا يقيم إلا هو متطهرا".
أقول: حديث: "من أذن فهو يقيم" [الترمذي "١٩٩"] ، لم يتكلم عليه إلا بأن في إسناده عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم الإفريقي وقد وثقه جماعة ولم يقدح فيه بما يوجب عدم الاحتجاج بحديثه لكنه قد أخرج أحمد ["٤/٤٢"] ، وأبو دأود ["٥١٢"] عن عبد الله بن زيد صاحب رؤيا الإذان أنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم برؤياه قال: "القه على بلال" فألقاه عليه فأذن بلال فقال عبد الله أنا رأيته وأنا كنت أريده قال له صلى الله عليه وسلم: "فأقم أنت" وفي إسناد هذا الحديث ومتنه خلاف.