صلاتك كذا سرا, بل أمره بالقراءة وهي أعم من أن يأتي بها سرا أو جهرا فيكون فعله للجهر في بعض الصلوات وهي الفجر والمغرب والعشاء والإسرار في البعض الآخر وهما الظهر والعصر كالبيان لذلك الأمر للمسيء فيتم حينئذ القول بوجوب الجهر فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسرار فيما أسر فيه لا بدليل كون فعله بيانا للمجمل ولا بقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" بل بما في حديث المسيء.
قوله: "ويتحمله الإمام عن السامع"
أقول: قوله تعالي: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا قرأ فأنصتوا" [أحمد "٢/٤٢٠"، أبو دأود "٦٠٤"، النسائي "٢/١٤١"، ابن ماجة "٨٤٦"، مسلم "٦٣"] ، يدل على أن الإمام يتحمل القراءة عن السامع.
وعلى تقدير ما قيل من عدم دلالة الآية على المطلوب وعدم انتهاض الحديث للاستدلال به فقد أغنى عن ذلك الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب" [أحمد "٥/٣١٦"، أبو دأود "٨٢٣"، الترمذي "٣١١"] .
وإن هذا الحديث قد أفاد فائدتين الأولى النهي عن القرآن خلف الإمام والثاني وجوب قراءة الفاتحة خلفه وهذا ظاهر واضح لا ينبغي التردد في مثله لصحته ووضوح دلالته.
قوله: "وعلى المرأة أقله من الرجل".
أقول: لم يرد دليل يدل على هذا إلا مجرد ملاحظة ما هو اقرب إلي الستر وأبعد من الفتنة وأقل الجهر إذا كان مجزئا للرجال فهو مجزىء للنساء بالأولى.
قوله: "ثم ركوع بعد اعتدال ثم اعتدال تام وإلا بطلت إلا لضرر أو خلل طهارة".
أقول: فرضية الركوع والاعتدال منه معلوم بالضرورة الشرعية وبطلان صلاة من لم يفعل ذلك أصلا أو لم يفعله حتى يطمئن معلوم بالأدلة الصحيحة كحديث المسيء فإنه صرح فيه بقوله: "ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما" الحديث، مع قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجزىء صلاة لا يقيم الرجل فيها ظهره" وهو حديث صحيح [الترمذي "٢٦٥"، أحمد "٤/١٢٢"، ابن ماجة "٨٧٠"] ، وورد عند أحمد ["٤/٢٢"] ، وغيره بلفظ: "لا ينظر الله إلي صلاة عبد لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده" وقد قال للمسيء "ارجع فصل فإنك لم تصل".
وأما الاستدلال على عدم البطلان بقوله للمسيء بعد تعليمه: "إذا انتقصت من ذلك شيئا فقد انتقصت من صلاتك" فلا دلالة له على ذلك لأن انتقاصه من صلاته بترك ركن من أركانها يخرجها عن الصورة المطلوبة للشارع وقد قال لهذا المسيء نفسه "ارجع فصل فإنك لم تصل" فوجب حمل هذا الانتقاص على الإسقاط المبطل للصلاة جمعا بين الروايتين.
ولأهل الرأي في عدم إيجاب الطمأنينة كلام يعرف فساده من يعرف الاستدلال ويدري بكيفيته وقد أفضى ذلك إلي أن يصلي غالب عامتهم وبعض خاصتهم صلاة لا ينظر الله إلي