صاحبها ولا تجزئه كما نطق بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت هذه الرؤية النازلة بهم هي ثمرتهم المستفادة من تقليدهم.
قوله:"ثم السجود على الجبهة مستقرة".
أقول: قد ثبت في حديث المسيء أنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يمكن جبهته من الأرض وأخرج الترمذي من حديث أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا سجد أمكن جبهته وأنفه الأرض وقال حسن صحيح وأخرج النسائي ["١١١٣"] من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أسجد على سبعة لا اكف الشعر ولا الثياب الجبهة والأنف واليدين والركبتين والقدمين"، وأخرجه مسلم بلفظ ["٢٣١/٤٩٠"] : "على سبع ولا أكف الشعر ولا الثياب الجبهة والأنف" الحديث وفي لفظ الصحيحين [البخاري "٨١٢"، مسلم "٢٣٠/٤٩٠"، أبو دأود "٨٩٠"، الترمذي "٢٧٣"، النسائي "١٠٩٣"] ، من حديث ابن عباس اقتصر علي ذكر الجبهة دون الأنف، وقد ثبت في ألفاظ الأحاديث في الصحيحين وغيرهما بلفظ أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم. [البخاري"٨٠٩"] .
وبهذا البيان يتضح لك ان رواية ذكر الجبهة مع الإشارة إلي الأنف لبيان أن السجود على الجبهة لا يكون تأما كاملا إلا بوضع الأنف معها.
ومع هذا فقد أغنانا على ذلك ذكرهما معا في الأحاديث كما اشرنا إليه وقد اجتمع في السجود على الجبهة والأنف البيان للسجود المأمور به في القرآن المعلوم وجوبه بالضرورة الشرعية بالقول والفعل فكان ذلك كافيا في فرضية السجود على تلك الأعضاء من غير انضمام أمر الأمة بذلك فكيف وقد ثبت كما ذكرناه لك وحينئذ تعرف أنه لا وجه لما ذكره الجلال من تلك المقأولات التي هي بمعزل عن التحقيق.
واعلم أن الأمر بالسجود على هذه الأعضاء لا بد أن يكون على الأرض أو على ما هو عليها من حصير أو نحوه فلا يجعل المصلي بين هذه الأعضاء وبين ذلك حائلا لا من حي ولا من غيره فإن فعل خالف ما أمر به مع كون ذلك بيانا لمجمل القرآن ولهذا حكم المصنف على من لم يسجد على هذه الأعضاء بلا حائل بينها وبين الأرض بالبطلان لسجدته ولكنه ربما يقال إن الذي سجد على هذه الأعضاء مع حائل قد سجد عليها وفعل ما أمر به فإنه يصدق عليه لغة وعرفا وشرعا أنه قد سجد عليها فكون الحائل مانعا من صحة السجود الموجود في الخارج يحتاج إلي دليل فإن جاء به صافيا عن شوب الكدر صالحا للحجية فبها ونعمت وإلا فلا نسلم أن ذلك السجود الموجود في الخارج كلاسجود مع كونه على الأعضاء التي وقع الأمر بالسجود عليها.
ومما يؤيد هذا ما في الصحيحين [البخاري "٣٨٥"، مسلم "١٩١/٦٢٠"] وغيرهما من حديث [النسائي "١١٦"] ، من حديث أنس قال كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه.