وعلى تقدير أنه لم يفد مع أبيه فقد كانت إمامته مع وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل عليه ولا يقع التقرير مع نزول الوحي على ما لا يجوز.
وقد استدل أهل العلم على جواز العزل بحديث جابر وأبي سعيد بأنهم فعلوا ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان منهيا عنه لنهى عنه القرآن.
وعلى كل حال فالصبي داخل تحت العموم فمن ادعى أن فيه مانعا من الإمامة فعليه الدليل وقد صحت الصلاة جماعة بصبي مع الإمام كما في حديث ابن عباس [البخاري "٨٥٩"، مسلم "١٨٤، ٧٦٣"، أبو دأود "٦١٠"، النسائي "٨٤٢"، الترمذي "٢٣٢"] : "أنه قام يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقف على يساره فجذبه وأقامه عن يمينه" وإذا انعقدت صلاة الجماعة مع الإمام فقط فلتنعقد صلاة الجماعة به وهو الإمام ورفع الوجوب عنه لا يستلزم عدم صحة صلاته.
وقد صحت صلاة معاذ [البخاري "٧٠٠"، مسلم ١٨٠"، أبو دأود "٥٩٩"‘ ٦٠٠"، الترمذي ٥٨٣"] بقومه بعد صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متنفل وهم مفترضون فصحت إمامته ولا وجوب عليه إذ قد أدى الصلاة الواجبة عليه.
قوله: "ومؤتما غير مستخلف".
أقول: أما في حال كونه مؤتما فظاهر لحديث "إنما جعل الإمام ليؤتم به" [البخاري "٢/٢٠٨"، مسلم "٤١٤"] ، وحديث "لا تختلفوا على أئمتكم" ومعلوم أن كون الإمام مؤتما تصير له أحكام الإمام وأحكام المؤتم فيؤدي ذلك إلي الاختلاف على إمامه يما يجب عليه الاقتداء به فيه.
وأما ما ورد من ائتمام الناس بأبي بكر وائتمامه بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي قاعدا في مرضه وما ورد أنه يأتم بالمتقدمين من بعدهم فالمراد أنهم يركعون بركوعهم ويسجدون بسجودهم لأنهم مطلعون على ركوع الإمام وسجوده واعتداله لقربهم منه وقد يخفى ذلك على من هو بعيد منه فأمرهم صلى الله عليه وسلم أن يقتدوا بمن هو متقدم عليهم من صفوف الجماعة.
وأما المؤتم اللاحق بالإمام إذا قام لتمام صلاته منفردا فلا بأس بأن يأتم به غيره من المؤتمين الذين لم يدركوا إلا بعض الصلاة وعليه عند ذلك نية الإمامة وعليهم نية الائتمام ولا مانع من هذا والأدلة الدالة على مشروعية الجماعة تشمله.
ومن ادعى أنه لا يصلح للإمامة فعليه الدليل والتعليل بكون النية المتوسطة لا تصلح ليس بشيء.
قوله: "وامرأة برجل أو العكس".
أقول: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في جواز إمامة المرأة بالرجل أو الرجال شيء ولا وقع في عصره ولا في عصر الصحابة والتابعين من ذلك شيء وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوفهن بعد صفوف الرجال وذلك لأنهن عورات وائتمام الرجل بالمرأة خلاف ما يفيده هذا ولا يقال الأصل الصحة لأنا نقول قد ورد ما يدل على أنهن لا يصلحن لتولي شيء من الأمور وهذا