للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووقع عند أحمد ["١/٤١٤، ٤٥١، ٤٥٥، ٤٥٩"] ، وأبي دأود ["٨٦٨"، والنسائي ["٢/٤٩، ٥٠"] ، أن ابن مسعود قال هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثة وفي إسناد هذه الزيادة هارون بن عنترة وفيه مقال معروف قال ابن عبد البر هذا الحديث لا يصح رفعه والصحيح عندهم أنه موقوف على ابن مسعود وعلى تقدير صحة الرفع فقد ذكر جماعة من الحفاظ أنه منسوخ قالوا وإنما تعلم ابن مسعود ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تركه ومن زعم أن هذه الزيادة المقتضية للرفع في صحيح مسلم فقد أخطأ.

وأما اعتبار أن يكونا في سمته فهو معنى كونهما في خلفه وأنهما لو وقفا في جانب خارج عن سمته لم يكونا خلفه وإذا عرض مانع يمنعهما من الوقوف خلفه في سمته جاز لهما الوقوف في أي مكان فلا يجب عليهما إلا ما يدخل تحت إمكانهما.

قوله: "ولا يضر قدر القامة" الخ.

أقول: لا يضر قدر القامة ولا فوقها لا في المسجد ولا في غيره من غير فرق بين الارتفاع والانخفاض والبعد الحائل ومن زعم أن شيئا من ذلك تفسد به الصلاة فعليه الدليل ولا دليل إلا ما روي عن حذيفة أنه أم الناس بالمدائن على دكان فأخذ أبو مسعود البدري بقميصه فجذبه فلما فرغ من صلاته قال له أبو مسعود ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك قال بلى قد ذكرت حين مددتني أخرجه أبو دأود ["٥٩٧"] وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وفي رواية للحاكم التصريح برفعه ورواه أبو دأود ["٥٩٨"] ، من وجه آخر وفيه أن الإمام كان عمار ابن ياسر والذي جبذه حذيفة ولكن فيه مجهول لأنه من رواية عدي بن ثابت الأنصاري قال حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر في المدائن فأقيمت الصلاة فتقدم عمار وقام علي وكان يصلي والناس من اسفل منه فتقدم حذيفة فأخذ على يديه فأتبعه عمار حتى أنزله حذيفة فلما فرغ عمار من صلاته قال حذيفة ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مكانهم" أو نحو ذلك قال عمار لذلك تبعتك حين أخذت على يدي هكذا ساقه أبو دأود ["١/٣٩٩، ٤٠٠"] وفي إسناده الرجل المجهول الذي ذكرناه ورواه البيهقي أيضا.

ففي هذا الحديث والحديث الأول دليل على منع الإمام من الارتفاع على المؤتم ولكن هذا النهي يحمل على التنزيه لحديث صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر كما وقع في الصحيحين وغيرهما ومن قال إنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك للتعليم كما وقع في آخر الحديث فلا يفيده ذلك لأنه لا يجوز له في حال التعليم إلا ما هو جائز في غيره ولا يصح القول باختصاص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم.

وقد جمعنا في هذا البحث رسالة مستقلة جوابا عن سؤال بعض الأعلام فمن أحب تحقيق المقام فليرجع إليها

قوله: "وتقدم الرجال". الخ.

أقول: أما تقديم الرجال على النساء فهو الثابت في جماعاته في مسجده صلى الله عليه وسلم وكذلك

<<  <   >  >>