استمر فيها فقد استمر في صلاة غير شرعية وخالف ما جاء عن الشارع.
وإن كان المراد المعنى المجازي في قوله:"فلا صلاة" فقد قدمنا لك أن نفس الصحة هو أقرب المجازين إلي الحقيقة فيجب الحمل عليه لأنه يستلزم انتفاء صحة الصلاة.
وبهذا تعرف أنه لا وجه للتقييد بقوله لخشية فوتها ولا لجعل الخروج مندوبا فقط.
قوله:"وندب أن يرفض ما قد أداه منفردا".
أقول: قول الله عز وجل: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٣] ، يدل بعمومه على أنه لا يجوز إبطال عمل من الأعمال كائنا ما كان والذي قد صلى منفردا إذا رفض صلاته فقد أبطل عمله فلا يجوز المخالفة لما يقتضيه هذا العموم إلا بدليل وقد دل الدليل على أن من صلى في بيته ثم وصل إلي جماعة فإنه يدخل معهم في الجماعة ثم اختلفت الروايات أيهما النافلة هل التي قد صلاها أو التي دخل فيها مع الجماعة وثم مرجح لكون النافلة هي الأخرى وهي الأحاديث الواردة أنها "لا تصلي صلاة في يوم مرتين" [أبو دأود "٥٧٩؟ "، النسائي "٨٦٠"، أحمد "٢/١٩"] ، وأنه لا ظهران في يوم فلو كانت الثانية هي الفريضة لكان قد أبطل عمله وصلى الصلاة في يوم مرتين وهذا مرجح قوي لكون الثانية نافلة والأولى فريضة ومع هذا فالحديث الذي فيه أن الأولى نافلة والثانية فريضة حديث ضعيف لا تقوم به الحجة.
ويقوي ما ذكرناه من كون الفريضة هي الأولى ما تقدم في حديث معاذ أنه كان يصلي بقومه ويجعلها نافلة وكذلك حديث "ألا رجل يتصدق على هذا" فيصلي معه وقد قدمنا أنه حديث صحيح.
فهذان الحديثان في الجملة يدلان على مشروعية النافلة مع الجماعة.
ويؤيد ما ذكرناه أيضا أحاديث الصلاة مع أمراء الجور فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالدخول في جماعتهم ويجعلها الذي قد صلى في بيته نافلة.
وأظهر مما ذكرناه حديث يزيد بن الأسود في قضية الرجلين اللذين لم يصليا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأتي بهما ترعد فرائصهما فقالا قد صلينا في رحالنا فقال لهما:"إذا أتيتما مسجد الجماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة" [أبو دأود "٥٧٥، ٥٧٦"، النسائي "٢/١١٢، ١١٣"] ، هو حديث صحيح.
قوله:"ولا يزيد الإمام على المعتاد انتظارا".
أقول: انتظار اللاحق ليدرك إمامه هو من باب قوله تعالي: {وَتَعَأونُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: ٢] ، فلا يحتاج إلي الاستدلال عليه بدليل يخصه بل يكفي هذا العموم ثم حديث أمر الإمام بالتخفيف لا يعارض هذا العموم إلا إذا حصل بالانتظار تطويل وهو غير مسلم فإن التطويل والتخفيف من الأمور النسبية نعم إذا كان الانتظار يحصل به تضرر من المؤتمين فإنه يخصص عموم الآية وهذا على تقدير أنه لم يرد في انتظار اللاحق دليل يخصه وقد ورد ما يخصصه وهو ما أخرج أحمد ["٤/٣٥٦"] ، وأبو دأود ["٨٠٢"] ، والبزار عنه صلى الله عليه وسلم: "أنه كان ينتظر في